تقيد المفكرون المسلمون بمبادئ دينهم أكثر من مسيحيي العصور الوسطى، وفي الفترة التكوينية للفلسفة في العالم الإسلامي وصولاً إلى القرن الثاني عشر، ارتبطت الفلسفة بالثقافة اليونانية بصورة قوية، ولهذا السبب تم النظر للفلسفة أن تكون خارج العلوم الإسلامية، وإنها لم تؤسس في الملكوت الديني، وبطبيعة الحال، نجد أن المخاوف الإسلامية تلعب دوراً ما في كتابات الفلاسفة في العالم الإسلامي, وطورت الفلسفة كمؤسسة مسكونة ”توحيدية” يلتقي فيها المسلمون مع المسيحيين واليهود على أرضية عامة مشتركة من الفلسفة، وأن المجالات الفلسفية مشتركة ثقافياً من نواحي أخرى أيضاً، فالفلسفة ليست مرتبطة بأي مكان ولا شعب ولا لغة، ونجد في العالم الإسلامي أن العديد من المفكرين وآخرين يزاولون الفلسفة رغم رفضهم صفة ”فيلسوف”، وأن العديد منهم المفكرون في هذه المسألة لم يكونوا مسلمين، لذا من الأنسب القول ”الفلسفة في العالم الإسلامي” عوضاً عن ”الفلسفة الإسلامية”، فقد يناقش المرء بأن رفض التقليد وروح البحث العقلاني، كان يعين القاسم المشترك.
والقاسم المشترك هو الذي يربط كل مفكري العالم الإسلامي من ذوي الميل الفلسفي؛ فالفلسفة هي ممارسة للعقل المطلق، والبحث عن تفاهم على أساس الإدراك عوضاً عن الوحي أو الإيمان، ومن خلال هذا المعنى يمكن أن نجد نظريات كل من الغزالي وابن رشد عن العلية وثيقة الصلة بمباحث المعرفة عندهم، والاختلاف بين كلا المفكرين يمكن إجماله بالقول: إن نموذج المعرفة الإنسانية بالنسبة للغزالي أنه يتضمن الوحي، ويؤكد بأن الفلسفة ليست النموذج الأعلى للمعرفة الإنسانية، وكان هدفه إيضاح أن الفلسفة ينبغي أن تندرج ضمن مشروع فكري من شأنه أن يتضمن الوحي، وينبغي أن ينظر إلى الوحي على أنه نوع أكثر تفوقاً من المعرفة.