التفاوت الشعري لم يرد بوصفه مصطلحا نقديا في معاجم النقد ولا في كتب الأدب والبلاغة، ولكنه كان حاضرا في مستويي: الإنتاج والتلقي، بمعناه ودلالته في الممارسة النقدية عند نقاد القرن الثالث الهجري، واختيار هذا الزمن كان مقصودا، إذ عرف النقد في هذا القرن التفلت من الدائرة الذاتية، والانفتاح على المرجعيات اللغوية وعلم الكلام والفلسفة. وينهض البحث على تجميع المصطلحات النقدية التي تدخل ضمن دائرة التفاوت، ويحاول دراستها عبر مصفوفتين معرفيتين، الأولى تبحث في المصطلح والمفهوم، والأخرى ترصد الظاهرة في الإنتاج الشعري والتلقي النقدي. وسنتعرف على التفاوت الشعري في علاقته بمصطلحات قريبة كالتناقض والتباين والاختلاف، ثم نرصد أسباب التفاوت ضمن أبعاد ثلاثة: الذاتية والدينية والسياسية، وأخيرا محاولة التعمق في طبيعة التفاوت الشعري وفهم عمله، وقد أفضى التقصي إلى ثلاثة خطوط يتحرك وفقها التفاوت، وهي: ما يتصل بالموضوع الشعري أولا ، ثم ما تقتضيه عمليات التلقي ثانيا، وثالثا ما يرتهن إلى الشاعر نفسه، وكان من نتاج ذلك سهولة تسكين ذلك في خطاطة ياكبسون التواصلية ضمن ما يمكن تسميته ببنية التضام، أي الحركة من العام إلى الخاص، حيث تبدأ عملية التفاوت من السياق (الموضوع الشعري) ثم المرسل إليه (الرواة) وانتهاء بالمرسل (الشاعر) .