إن الخلافات في مسائل النحو ليست حديثة الظهور، بل ظهرت منذ نشأته، ومن ذلك الخلاف المشهور بين المدرستين البصرية والكوفية، والخلاف بين النحاة أنفسهم الذين ينتمون إلى مدرسة بعينها، والخلاف ظاهرة صحية ليس نقصًا من اللغة، وكل من اشتغل بعلم النحو يعلم علم اليقين أنه علم منطقي يقوم على قواعد لغوية اعتمدت على الذهن والمنطق، حتى أطلق بعض اللغويين عليه (رياضيات اللغة)، وقد قال بعض النحاة: لا تخطيء معربًا، ولا يخفى على كل ذي بصيرة أنَّ الغوص في المسائل الخلافية يعطي الطالب آفاقاً واسعة في فهم النحو وتفسير مسائله، والبحث هذا تناول الخلاف بين علمين ينتميان إلى مدرسة واحدة ألَا وهي المدرسة الأندلسية، وهما متقاربان في العصر كذلك، وقد اختلفا في عدة مسائل نحوية سواء كانت في المرفوعات، أو المنصوبات، أو المجرورات، أو بعض المسائل الأخرى المتنوعة كالحروف وغيرها، ولم يتتبع المتأخر منهما آراء المتقدم، بل كان لكل واحدٍ منهما آراءه الخاصة به مدللاً عليها بأصول النحو.