لقد أصبح إقليم طرابلس تابعًا للدولة الحفصيّة منذ قيامها سنة 625 هـ-1227م، وهو ما كان له الأثر في الحياة السياسية والحضارية على وجه العموم، والحياة العلمية على وجه الخصوص.
أن الدارس للحياة العلمية في إقليم طرابلس خلال هذه الفترة يجدها محاطة بالغموض، خاصة أن جل مصادرها في هذا المجال هو كتب الجغرافيا والرحلات، ولعل ما يسجله هؤلاء من مشاهدات ولقاءات لرجال العلم في المدن التي يحطون بها رحالهم فتكون مؤلفاتهم بذلك شاهد عيان للحياة الثقافية والعلمية في البيئات التي يعيشونها.
لقد تحدثت المصادر التاريخية وكتابات الجغرافيين والرحالة على وجود ازدهار علمي بالإقليم، وذلك من خلال إشاراتهم المتعددة لمؤسسات علمية ومراكز ثقافية، ساهمت وبشكل كبير في بروز عديد من العلماء والفقهاء والذي بدورهم طوروا الحياة العلمية في الإقليم مما ساعد على الارتقاء بالحركة العلمية من خلال تلك المراكز والمؤسسات.
وبالتالي سيتمحور البحث حول ثلاثة نقاط أساسية: العوامل المؤثرة في الحياة العلمية، ومراكز العلم المتمثلة في المساجد، والربط، والزوايا، أيضًا التعريف بأبرز العلماء والفقهاء وهو ما كان له الأثر الواضح على المنطقة وإلى أي مدى ساهموا في ازدهار الحياة العلمية في تلك الفترة.