حظيت ظاهرة العدول باهتمام كبير في المباحث الأسلوبية تحت مسميات مختلفة كالانزياح والانحراف والتجاوز.. وإنما العدول هو انحرافٌ من الأديب عن المألوف للوصول إلى درجة من الإبداع، ومن مظاهر العدول الذي يعتمد على المستوى الإبداعي في النص: التعريف والتنكير، والذكر والحذف، والتقديم والتأخير.. والعدول في الدراسات الأسلوبية الحديثة يتقاطع مع الانحراف فهو انتهاك يحدث في الصياغة يمكن به التعرف على طبيعة الأسلوب، وقد وردت في التراث البلاغي والنقدي إشاراتٌ إلى العدول، فحديث الجرجاني عن نظرية النظم إنما هو محاولة للخروج عن المألوف وهو لبّ فكرة العدول والانزياح.. والتراث البلاغي العربي يزخر بنماذج كثيرة للعدول فالتقديم والتأخير مثلاً إنما هو في حقيقته كسر لتراتبية الجملة وانتهاك لمعياريتها بما لا يخالف قواعد النحو، واختلاف أضرب إلقاء الخبر حسب حالة السامع يبرز حالة الاختلاف والتباين التي يكون عليها المتكلم والمتلقي مما يجعل هذا العدول عن الأصل أمرًا مبررًا ومحمودًا.