تمثل مظاهر الحياة الاجتماعية المرأة الحقيقية لمعرفة ما يتميز به سكان إقليمي برقة وطرابلس على مختلف أجناسهم وأطوارهم، من بربر وعرب وأفارقة وروم ويهود.
لقد تناول البحث جانب مهم في تاريخ هذه المنطقة، إذ تعد الحياة الاجتماعية مظهرًا مهمًا من مظاهر الحضارة الإسلامية خلال فترة وجود المسلمين بها، حيث حاولت قدر الإمكان الاعتماد على المصادر التاريخية ذات الصلة بتلك الفترة.
وعلى هذا الأساس كانت بداية البحث تتمحور حول الحديث عن العادات والتقاليد باعتبارها المرآة التي تعكس وتحاكي واقع المجتمع البرقاوي والطرابلسي، إذ اتضح أن أهالي هذه البلاد يتمتعون بحسن العشرة وطيب المعاملة والأدب الرفيع والأخلاق الحميدة، خاصة مع الغرباء، وإن كانت هناك بعض من العادات السلبية لا تمثل إلاّ القلة ذوي أصحاب المكر والخداع خاصة في مجال البيع والشراء.
وفي هذا البحث قدمت الصورة الحقيقية عن شوارع ومساكن هذه البلاد والتي تعكس حياة السكان وإلى أي مدى كانت لهم اهتمامات بجمال وأناقة شوارعهم.
إضافة إلى ذلك كان الحديث عن الملبس وما مدى حب الأهالي في الإقليمين لنظافة ملبسهم والخروج بأجمل مظهر، كما تم الإشارة إلى الأطعمة والأشربة وكيف كان اعتمادهم في ذلك على ما تنتجه أرضهم من مزروعات، وما يستوردونه من خارج البلاد من سلع مختلفة. إضافة إلى ذلك تم الإشارة إلى اهتمامات الأهالي ببناء الأسوار والأبواب والحمامات والفنادق، كل هذه البنيات دلالة على حرص الأهالي على تأمين مدنهم وقراهم، كذلك ترحيبهم بالضيف والزوار والتجار، كل ذلك لإعطاء صورة مشرفة لتلك البلاد وما تتمتع به من نظام وحياة رفاهية.