يُعدُّ الأدب الصوفي -بوصفه أدباً إنسانياً مليئا بالانفعالات الوجدانية والمعارف السامية- ظاهرة متميزة جديرة بالاهتمام والدراسة، فهو أدب معبَّأ بالمقومات الفنية، مثقل بالرموز والإشارات، مليء بالتجارب الحقيقية الخالصة الصادقة النقية البعيدة كل البعد عن أدب التكلف والصنعة. وقد اعتنى هذا الأدب عناية فائقة بالحبِّ الإلهي، حين أدرك أصحابه أنْ الله وحده مستحق لهذا الحب، فأخذوا يتكلمون في معناه، مستعينين في شرح حقيقته وبيان أحواله بالوجد الإنساني الذي عرفه الناس وعاينوا أحواله وعاشوا أثره وشاهدوا تباريحه، حتى يتأتّى لهم توضيح ما يعتريهم من وجد وشوق للذات الإلهية، فاستعانوا على ذلك بأغراض الشعرية الدنيوية المتعلقة بالغزل والخمرة، وحوَّلوا ما فيها من أنواع وصور وأساليب إلى رموز شعرية تشير إلى شدة تعلقهم بالذات الإلهية وانشغالهم بها. وكانت هذه الدراسة تقتضي بيان ملامح التصوف في شعر (العفيف التلمساني) وعناصره بشكل عام، ولكن بعد الاطلاع على ديوان الشاعر ومعاينته؛ اتّضح للباحث أنَّ جلَّ شعره يدور حول الحب الإلهي، فكانت أغلب قصائد الديوان ترمز لهذا الحب وتشير إليه، من خلال ما قاله الشاعر من قصائد غزلية وأخرى في وصف الخمر. فاقتضى هذا تحويرا في منحى الدراسة وهو الانتقال من العناية بملامح التصوف في ديوان الشاعر إلى مقاربة لغة الحب الإلهي ورمزها الشعري فيه.