تنقل المتنبي في كثير من البيئات الحضرية، منها والبدوية وقضى فترة غير قصيرة في البادية، في فترة الصبا والتي أثرت في حياته الفنية، ولم يستطع الفكاك من هذه الروح، واكتسب فيها فصاحتها وقوتها، ومعانيها، ثم انتقل المتنبي بعدها إلى الحياة الحضرية، وفي بلاطات الأمراء والخلفاء ولكنه حمل معه هذه الروح الوثَّابة.
تلك هي أهم الأسباب والمسوغات التي دفعت بي إلى تناول هذا الموضوع "أثر البداوة العربية في شعر المتنبي" بالدراسة والبحث آملاً بذلك أن ألقى ضوءاً – مهما كان يسيراً – فهو ضوء على كل حال ينير لنا مسالك الماضي الوعرة، ويكشف ما احتجب وراءه من حقائق مذهلة، وعبر ودروس مستفادة ، فنأخذ منها ما يعيننا على فهم حاضر أليم، والإعداد لمستقبل واعد، وهنا تكمن أهمية هذا البحث لحياتنا الحاضرة.
وقد حاولت أن أجعل هذا البحث خلاصة واختصاراً لما قرأته في الكثير من المصادر عن أثر البداوة العربية في شعر المتنبي واستدعت طبيعة هذا البحث أن يكون في موضوع البحث ومن بعده خاتمة يتناول البحث البداوة باعتبارها من عناصر العربية في شعر المتنبي فقد كانت البادية من أهم مكونات العربية، لذا تجه إليها بعقله وقلبه لأنه رأى فيها البديل الحقيقي لحياة الحاضرة العربية التي اختفت فيها ملامح العربية وباتت تتعارض بمعطياتها مع نظرته إلى الحياة ورسالته فيها.