قال ابن الأثير في كتابه المثل السائر: مدار البلاغة كلها على استدراج الخصم إلى الاذعان والتسليم؛ لأنه [لا] انتفاع بإيراد الألفاظ المليحة الرائقة ولا المعاني اللطيفة الدّقيقة دون أن تكون مُستَجلَبة لبلوغ غرض المخاطب بها.
فالحجاج والحالة هذه ظاهرة لغوية؛ وإن كنّا في حياتنا اليومية نمارسه بعفوية، ونلجأ إليه بفطرة حين نحاول إقناع الآخرين باتخاذ قرار أو صرفهم عن اختيار، فإن معرفة طرقه ووسائله تساعد على انجاز الأغراض وتحقيق الأهداف، وفي هذا البحث سنعرض للطريقة التي استخدمها الجاحظ في الدفاع عن الكتاب، وسنقدم للموضوع بمقاربة تاريخيه نبين فيها شيئا من تاريخ الحجاج والوعي به كموضوع للدرس وبمقاربة أخرى لغوية نبين فيها معناه لغة والمصطلحات التي تدل عليه والفروق بينها، ثم نعالج نصاً الجاحظ جعله في مدح الكتاب ونوضح الوسائل التي استخدمها في حجاجه ليستدرج الخصم ليذعن ويسلم بفكرته عن أهمية الكتب وتأليفها.