التداعيات التراثية في الرسائل التهكميّة لدى الجاحظ وابن زيدون

الرسائل الأدبية الغرض منها توصيل رسالة إلى المتلقي، ولكن قد يكون لها غايات أخرى غير مباشرة تؤديها، وهي تستعمل للتحذير والتهديد وتصل أحيانا إلى درجة التهكم المقذع والاستهزاء وذلك ينطوي على أسباب نفسية، أو علاقات اجتماعية، أو سياسية.
فعلاقة المنافسة على المنصب والتفاخر به كان سبب خصومة الجاحظ مع ابن عبد الوهاب، بينما التنافس على الحب سبب العداوة بين ابن زيدون ومنافسه ابن عبدوس على ولاّدة بنت المستكفي، واستعمل كلا الأديبين هذا الجنس الأدبي وهو أدب الرسائل، لتوصيل رسالة مبطّنة بالتهكم والسخرية والاستهزاء. ومع أن هناك فارقا زمنيا بين الكاتبيْن إلا أن ابن زيدون تأثر بسابقه، وحاول أن يتجاوزه في بعض النواحي بإبداعاته وصوره ولوحاته الفنية، فكانت هناك أوجه تلاقي وأوجه افتراق بينهما حاولت في هذا البحث بيانها، سواء ما يتعلق بالجوانب الشخصية للكتّاب، أو طبيعة الرسائل ومناسباتها، أو كيفية سرد الأحداث والوقائع، واستدعاء الشخصيات التراثية فيها. وتناول البحث الإطار الشكلي للرسائل، وبيان طريقة الاقتباس والتضمين فيها، مع ذكر البناء العام لكلا الرسالتين، ومدى ظهور الراوي أو السارد في الرسالة، والدافع لذلك، مع بيان الأساليب البلاغية والدلالية والبديعية في سبيل إيصال الفكرة إلى المتلقي في أوضح صورة، كما أنها مجال لعرض الثقافة والمعرفة والفكر.