دور مواقع التواصل الاجتماعي في التنشئة السياسية لطلبة الجامعات الليبية الإيجابيات والسلبيات: دراسة ميدانية على مستخدمي موقع الفيس بوك من طلبة جامعة سرت

هدفت الدراسة الحالية لقياس دور الايجابي والسلبي لمواقع التواصل الاجتماعي في عملية التنشئة السياسية لطلبة الجامعات الليبية، بما أن وسائل الاعلام، وخاصة الاعلام الرقمي، والتي تعتبر ( مواقع التواصل الاجتماعي)، احد أهم انماطه؛ وقناة من قنوات التنشئة السياسية، التي بدورها تعتبر اداة يعتمد عليها النظام السياسي بمؤسساته الرسمية والغير الرسمية، في تغيير وتعديل وغرس القيم والمعتقدات الجديدة في الثقافة السياسية للمجتمع بشكل عام، وسوف تعتمد هذه الدراسة على مستخدمي موقع الفيس بوك الذي يعتبر ، أكثر مواقع التواصل الاجتماعي استعمالا وانتشارا بين فئة الشباب في ليبيا (كما اثبت الدراسات السابقة) ، وخاصة طلبة الجامعات، و اعتمدت هذا الدراسة على طلبة جامعة سرت من مستخدمي موقع الفيس بوك كدراسة حالة، في استطلاع آرائهم واتجاهاتهم ، حول دور موقع الفيس بوك في تحقيق التنشئة السياسية من الناحية السلبية والايجابية، من خلال التركيز على ثلاثة موضوعات ذو أهمية للثقافة السياسية لطلبة الجامعات في ليبيا كما يعتقد الباحث، وهي: قيم المواطنة، والثقافة الدستورية، والمشاركة السياسية، والمعرفة السياسية. وسوف تعتمد هذه الدراسة على المنهج المسحي في استطلاع اتجاهات طلبة جامعة سرت، من خلال اداة الاستبيان، لعينة عمدية قوامها (125) مفردة من مستخدمي موقع الفيس بوك من طلبة جامعة سرت.
توصلت الدراسة لمجموعة من النتائج أهمها:
1- بيّنت النتائج العامة للدراسة أن هناك دور إيجابي لموقع الفيس بوك نحو المشاركة السياسية ، في دفعهم للحصول على بطاقة انتخابية، للمشاركة بها في الانتخابات، و كان لموقع الفيس بوك دورا ايضا في توعيتهم بأهمية المشاركة في الانتخابات البلدية والبرلمانية والرئاسية، وأيضا كان موقع الفيس بوك في جعلهم يعترضون على السياسات وقرارات الحكومة التي تعجبهم، ودورا سلبيا في مساهمة مواقع الفيس بوك في مقاطعة العمليات الانتخابية باعتبارها وسيلة للإيصال السياسيين الفاسدين وغير مؤهلين للسلطة، أن الفيس بوك يقدم صورة عن عدم الانتماء الى الاحزاب السياسية وعضوية منظمات المجتمع باعتبارها اداة لتقسيم المجتمع وزرع الفتنة وتنفيذ اجندة خارجية.
2- بان كان هناك دور ايجابي لموقع الفيس بوك في الدفع نحو تعزيز الهوية الوطنية الليبية، من خلال فتح أفاق للحوار بين مكونات المجتمع الليبي من عرب وتبو وطورئق وأمازيغ، وقد ساهم في تقوية مشاعر الانتماء مثل الاعتزاز بالتاريخ المشترك، ورموز الجهاد الليبي، واللغة والدين، وهناك دور سلبي لموقع الفيس بوك يقتصر في أنه يساهم في التشكيك والانقسام حول الرموز الوطنية والتاريخ الليبي الوطني المشترك، وبان موقع الفيس بوك يعزز من الانتماءات الاولية، مثل القبيلة، والعرق، والمدينة، على حساب الانتماء الوطني.
3- أظهرت النتائج العامة أن غالبية عينة الدراسة، بأن هناك دور إيجابي اتجاه ترسيخ الثقافة الدستورية: يتمثل في الفيس في توعيتهم بأهمية أن يكون هناك دستور لدولة ليبيا يكفل حقوقهم ويحدد واجباتهم، وأيضا كان لموقع الفيس بوك دور في توعيتهم بضرورة وجود دستور في ليبيا يكفل ويضمن حقوق الليبيين، ويبقى لهم بمثابة عقد اجتماعي يكفل حقوقهم ويحقق العدالة والمساواة بينهم بغض النظر الى انتماءاتهم. أما الدور السلبي لمواقع الفيس بوك في أنه يقدم الدستور على أنه يتضمن أفكار مستوردة من الغرب باسم الديمقراطية تخالف الدين والعادات والتقاليد الليبية وكذلك ما يدور في موقع الفيس بوك حول صياغة دستور في ليبيا هو محاولة لتغليب طرف ليبي على طرف أخر بإعطائه حقوق تجعله في مركز أعلى من الاخر.