تتفق دراسات عديدة على أن ظاهرة الإلهام والعبقرية تؤكد فكرة الأصالة الذاتية للفنان، وهذا ما يؤمن به جموع الفنانين تعزيزا لأصالة إنتاجهم الفني، وأنه وليد هبة إلهية تصدر من أعماق وجدانه، و أن الإبداع الفني يحدث دون تدخل عقلي أو إرادة، بل يأتي عن طريق الإلهام في لحظة تجلي وخلوة مع ذاته، وكان أفلاطون هو أول من أرسى أصول نظرية الإلهام، ويزعم أن الفنان هو إنسان موهوب خصته الآلهة بنعمة الإلهام والوحي.
وقد شبه" أفلاطون" وبرغسون "وفلاسفة آخرون هذا الإلهام الفني بذلك الإلهام الصوفي الذي يعتري المتصوف حينما يخلو إلى نفسه في صومعته محاولاً الوصول إلى أقصى درجات التجلي ويبذل جهداً نفسياً وذهنياً حتى يضنيه الوجد ويصل إلى ومضات مما ينشده في محبة الله، وهذا ما تتمحور حوله هذه الدراسة.