اهتم الفلاسفة بكشف أسرار الوجود خاصة مسألة النفس، فأولوها عنايتهم محاولين فهم ماهيتها، وإيضاح قواها وعلاقتها بالبدن ومعرفة مصيرها، وكان لدور الترجمة من لغات متعددة إلى العربية إثراء وإيضاح ما كان غامضًا عندهم، فانكبوا على دراستها، وكان لفيلسوفنا الفارابي السبق في ذلك، حيث ألف العديد من الكتب، وكتب العديد من الرسائل، حيث درس الإنسان من جانبيه المادي والروحي، وكان متأثرًا بآراء فلاسفة اليونان كسقراط الذي وصف النفس بأنها ظل الله في الإنسان، فصرح الفارابي بأن معرفة الله هي من أولى المعارف، كما عرف الفارابي بأنها جوهر الإنسان، وكان تأثر الفارابي بأفلاطون واضحا في مسألة الفيض التي شملت الأجرام السماوية والأرضية، حيث تفيض عليها الصور الملائمة من العقل الفعال، وتأثر الفارابي بتعريف أرسطو للنفس عند قوله بأنها كمال أول لجسم طبيي آلي ذي حياة بالقوة، وفي تقسيمه للنفس بأنها إنسانية وحيوانية ونباتية وما يربط بينها من قوى، وفي وصفه للنفس الناطقة بأنها أتم الأنفس وأرقاها، وكان تأثر الفارابي بأمة الفلسفة الإسلامية، حيث وصفوه بأنه أول مؤسس للفلسفة العربية الإسلامية التوفيقية في تقسيمه للوجود إلى نوعين أساسيين، نوع ممكن الوجود، وآخر واجب الوجود وفي ترتيبه للنفوس بحسب مراتب الوجود، فالعالم نفس ولكل سماء نفس، ثم للإنسان نفس وللحيوان نفس، ولكل سماء نفس والنفس ترتقي من المحسوس إلى المعقول بواسطة القوة المتخيلة، وكانت لنظرته للسعادة النفسية حيث صرح بأن المدينة الأرضية مهما يكن كمالها ليست غايتها في نفسها؛ وإنما هي تتدرج إلى السعادة العليا التي تنالها النفوس الزكية من عالمها الآخر.