تتلخص فكرة البحث في مقاربة الموقف الفكري السياسي وأثره في إبداع النص، من منطلق أنّ الإبداع موقف يتشكل جماليا، وأن جمالية النص إنما تتشكل بفضل ما يحتويه من جمالية الفكر، وأن قمة الجمال الأدبي وروعته إنما تتحقق بمدى انفعال المبدع بموضوعه وصدقه في معالجته، فإيمان المبدع بقضيّته يُعدّ من أساسيات إبداع النص فكريا كما يُعد من أهم مصادر تشكّله الجمالي.
ووفقا لهذا المفهوم كان الاختيار للقصيدة السياسية التي أبدعها ابن قيس الرقيات (كونه أحد شعراء الأحزاب السياسية في القرن الأول الهجري) لمعرفة أثر الفكر السياسي في تشكلها الجمالي. ولكي نصل إلى عمق التجربة التي عاشها ابن قيس الرقيات في المجال الفكري والسياسي ومدى صدقها؛ تم اختيار قصيدته (الهمزية) أنموذجا لدراسة النص السياسي في هذا القرن، فهذه القصيدة تبدو فيها رؤية الشاعر السياسية جلية واضحة عبر اعتناقه لفكرة الأصالة المتمثلة في العودة بالخلافة الإسلامية إلى الحجاز مكانها الأصلي التي انبثقت منه. وقد رأى الشاعر أنّ هذه الرؤية لا يمكن لها أن تتحقق إلا عبر تأييد حزب سياسي يدعو إلى هذه الفكرة ويؤمن بها، فكان تأييده الشديد للحزب الزبيري الداعي لفكرة بقاء الخلافة في قريش والحجاز.