هناك تفشي فساد مالي كبير في ليبيا منذ عقود، إلا أنه زادت وثيرته بعد التغيير السياسي في فبراير 2011، مما ترتب عليه انعكاسات خطيرة على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في البلاد، من أبرزها تدني في مستوى الخدمات العامة للمواطنين، وتصنيف ليبيا في قائمة الدول العشر الأكثر فساداً في العالم.
تهدف هذه الدراسة إلى إبراز أهمية تطبيق نظام الحوكمة لتسخيرها في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، وتحسين مستوى تصنيف ليبيا في مؤشرات الحوكمة ومدركات الفساد العالمية. وقد تم استخدام المنهج التحليلي الوصفي والمقارن للتحليل وتقييم البيانات والمعلومات الصادرة عن هيئات محلية رسمية ومنظمات دولية موثوقة، وذلك فيما يتعلق ببيانات عن مؤشرات الحوكمة والفساد المالي في ليبيا خلال السنوات 2014-2021م.
لقد خلصت هذه الدراسة إلى مجموعة من النتائج الهامة من أبرزها أن مؤشرات الحوكمة ومدركات الفساد العالمي المتعلقة بتقييم الوضع في ليبيا كانت جميعها مؤشرات سالبة ومتدنية جداً مقارنةً مع بقية دول العالم، وبالتالي تعتبر هذه دلائل ومؤشرات خطيرة تهدد الدولة الليبية واقتصادها الوطني وسمعتها العالمية، الأمر الذي يستلزم بأن تقوم الحكومة بإتخاذ جملة من الخطوات الجادة، التي تساهم في كبح جماح الفساد المالي المستشري في مفاصل مؤسسات الدولة الليبية، وكذلك لتحسين صورتها في مؤشرات الشفافية والنزاهة بين عامة الدول المتقدمة في هذا الشأن.